فصل: الجملة العاشرة في ذكر ألقابٍ تقع على أشياء متفرقة قد جرت في عرف الكتاب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الجملة العاشرة في ذكر ألقابٍ تقع على أشياء متفرقة قد جرت في عرف الكتاب:

وهي على ضربين:
الضرب الأول فيما يجري من ذلك مجرى التفاؤل ويختلف باختلاف الأحوال والوقائع:
ويتنوع إلى أنواع:
النوع الأول: ما يوصف بالنصر:
كالجيوش والعساكر والقلاع والبريد ونحو ذلك فيقال في الجيوش والعساكر: الجيوش المنصورة، والعساكر المنصورة، ويقال في القلاع المنصورة وقلعة دمشق المنصورة وقلعة حلب المنصورة ونحو ذلك، وكذلك يقال القلاع المنصورة على الجمع تفاؤلاً بحصول النصر لها، ويقال في البريد: البريد المنصور، على ما اصطلح عليه كتاب الزمان، على أن في وصف البريد بالمنصور نظراً، لأنه إنما وضع ليوصل الأخبار ونحو ذلك، وكان الأحسن أن يوصف بالسعيد ونحوه اللهم إلا أن يراد أنه ربما وصل به خبر النصر على العدو، وهو من أهم المهمات، وكأنه وصف بأشرف متعلقاته.
النوع الثاني: ما يوصف بالحراسة، كالمدن والثغور:
فيقال في المدن مصر المحروسة والقاهرة المحروسة ودمشق المحروسة وحلب المحروسة ونحو ذلك. ويقال في الثغور الثغر المحروس وثغر الإسكندرية المحروس وثغر رشيد المحروس وثغر دمياط المحروس وثغر أسوان المحروس ونحو ذلك تفاؤلا بوقوع الحراسة لها. على أنه لو وصفت القلاع أيضاً بالحراسة فقيل القلعة المحروسة والقلاع المحروسة ونحو ذلك لكان له وجهٌ ظاهر. وبكل حال فكل ما كان محل خوفٍ مما ينبغي حراسته والاحتفاظ به، حسن وصفه بالحراسة. وقد رأيت من يذكر ضابطاً لذلك في البلاد: وهو أن كل مدينة مسورة يقال فيها محروسة وإلا فلا، وهو بعيد، والظاهر ما قدمنا ذكره.
النوع الثالث: ما يوصف بالعمارة:
كالدواوين، وهي المواضع التي يجلس فيها الكتاب على ما تقدم بيانه في مقدمة الكتاب وغير ذلك. فيقال: الديوان المعمور والدواوين المعمورة تفاؤلاً بأنها لا تزال معمورةً بالكتاب، أو بدوام عز صاحبها وبقاء دولته.
النوع الرابع: ما يوصف بالسعادة:
كالدواوين أيضاً، فيقال الديوان السعيد والدواوين السعيدة تفاؤلاً بدوام سعادتها بدوام سعادة صاحبها.
النوع الخامس: ما يوصف بالقبول:
كالضحايا المقبولة تفاؤلاً بأن الله تعالى يتقبلها، وهو في الحقيقة بمعنى الدعاء، كأنه يقال تقبلها الله تعالى.
النوع السادس: ما يوصف بالبر:
كالصدقة والأحباس، فيقال في الأحباس: الأحباس المبرورة وفي الصدقة الصدقة المبرورة تفاؤلاً بأنها تكون جاريةً مجرى البر الذي يلحق به الثواب. وكتاب الجيش ونحوهم يستعملون ذلك في وصف الرزقة أيضاً، وهي القطعة من الأرض ترصد لمصالح المسجد أو الرباط أو الشخص المعين. فيقولون: الرزقة المبرورة لجريانها مجرى الصدقة.
النوع السابع: ما يوصف بالخذلان:
كالعدو ونحوه، فيقال: العدو المخذول على الإجمال وفلانٌ المخذول بالتصريح باسمه وأهل الكفر المخذولون ونحو ذلك تفاؤلاً بأن الله تعالى يوقع بالعدو الخذلان ويرميه به.
الضرب الثاني: ما يجري من ذلك مجرى التشريف:
ويختلف أيضاً باختلاف الأحوال، ويتنوع أنواعاً:
النوع الأول: ما يوصف بالعز:
كالكتاب بمعنى القرآن، فيقال فيه: الكتاب العزيز ومن ثم يقولون في قاريء القرآن: من حملة كتاب الله العزيز وربما وصف بذلك الديوان أيضاً، كما يقال في ديوان الخلافة: الديوان العزيز على ما تقدم ذكره في الكلام على الألقاب.
النوع الثاني: ما يوصف بالشريف:
كالمصحف والعلم، فيقال في المصحف: المصحف الشريف وفي العلم العلم الشريف ولذلك يقولون: فلانٌ من طلبة العلم الشريف ونحو ذلك، وكذا في الأماكن الرفيعة، كمكة والمدينة النبوية والقدس. فيقال: مكة المشرفة والمدينة الشريفة، والقدس الشريف والحرم الشريف تارةً لحرم مكة وتارةً لحرم المدينة. فإذا جمعا قيل: الحرمان الشريفان وربما أطلق، في عرف الكتاب، الحرمان على القدس الشريف ومقام الخليل عليه السلام، وهو مراد المقر الشهابي بن فضل الله في كتابه التعريف في قسم الوصايا بناظر الحرمين الشريفين دون حرم مكة والمدينة المشرفتين. وقد اصطلح كتاب الزمان على أن وصفوا أكثر ما يضاف إلى السلطان بالشريف، فيقولون فيما يصدر عن السلطان من عهد وتقليد وتوقيع ومرسوم ومثال وتذكرة: عهد شريف وتقليدٌ شريف وتوقيع شريف ومرسومٌ شريف ومثالٌ شريف وتذكرة شريفة ونحو ذلك.
النوع الثالث: ما يوصف بالكريم:
كالقرآن، فيقال: القرآن الكريم والأصل فيه قوله تعالى: {إنه لقرآن كريمٌ}، وقد اصطلح كتاب الزمان على أن جعلوه دون الشريف في الوصف، فوصفوا به ما يصدر عمن دون السلطان من أكابر الدولة من النواب والأمراء والوزراء: من توقيع ومرسومٍ ومثالٍ وتذكرة ونحو ذلك. فيقولون: توقيعٌ كريم ومرسومٌ كريم ومثالٌ كريم وتذكرة كريمة. وقد توصف به المكاتبة أيضاً فيقال: إن مكاتبته الكريمة وردت ونحو ذلك، وقد ورد في التنزيل: {إني ألقي إلي كتابٌ كريمٌ} على أنه قد تقدم أنه كان ينبغي أن يكون أرفع رتبةً من الشريف لورود التنزيل بوصف القرآن به.
النوع الرابع: ما يوصف بالعلو:
وهو في معنى الكرم في اصطلاحهم فيقال: توقيعٌ عالٍ ومرسومٌ عالٍ ونحو ذلك، وقد يوصف به الرأي فيقال: الرأي العالي، وقد يوصف به أمر السلطان أيضاً من ذي الرتبة الرفيعة، مثل كتابة الوزير على المراسيم الشريفة ونحوها أمتثل الأمر العالي.
النوع الخامس: ما يوصف بالسعادة:
كالرأي السعيد والآراء السعيدة وربما وصف بذلك الديوان فقيل: الديوان السعيد ونحو ذلك.
النوع السادس: ما يوصف بالبركة:
كالكعب، فيقال: كعبٌ مبارك وقد يوصف به المنزل فيقال: منزلٌ مبارك وقد يوصف به الأمر لمن دون العالي، فيقال: يتقدم أمره المبارك وكذلك المكاتبة، فيقال: إن مكاتبته المباركة وردت ونحو ذلك.

.الباب الثاني من المقالة الثالثة في مقادير قطع الورق وما يناسب كل مقدار منها من الأقلام ومقادير البياض في أول الدرج وحاشيته وبعد ما بين السطور في الكتابات:

وفيه فصلان:

.الفصل الأول في مقادير قطع الورق:

وفيه طرفان:

.الطرف الأول في مقادير قطع الورق في الزمن القديم:

قد ذكر محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة أن الخلفاء لم تزل تستعمل القراطيس امتيازاً لها على غيرها من عهد معاوية بن أبي سفيان. وذاك أنه يكتب للخلفاء في قرطاس من ثلثي طومار، وإلى الأمراء من نصف طومار، وإلى العمال والكتاب من ثلثٍ، وإلى التجار وأشباههم من ربع، وإلى الحساب والمساح من سدس. فهذه مقادير لقطع الورق في القديم، وهي الثلثان والنصف والثلث والربع والسدس، ومنها استخرجت المقادير الآتي ذكرها. ثم المراد بالطومار الورقة الكاملة، وهي المعبر عنها في زماننا بالفرخة، والظاهر أنه أراد القطع البغدادي، لأنه الذي يحتمل هذه المقادير، بخلاف الشامي، لا سيما وبغداد إذ ذاك دار الخلافة، فلا يحسن أن يقدر بغير ورقها مع اشتماله على كمال المحاسن. وقد تقدم في الكلام على آلات الكتابة في المقالة الأولى بيان الخلاف في أول من صنع الورق.

.الطرف الثاني في بيان مقادير قطع الورق المستعمل في زماننا:

مقادير قطع الورق في هذا الزمان وفيه ثلاث جملٍ.
الجملة الأولى في مقادير الورق المستعمل بديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية بالديار المصرية:
وهي تسعة مقادير:
المقدار الأول: قطع البغدادي الكامل، وعرض درجه عرض البغدادي بكماله، وهو ذراعٌ واحد بذراع القماش المصري، وطول كل وصل من الدرج المذكور ذراعٌ ونصفٌ بالذراع المذكور. وفيه كان تكتب عهود الخلفاء وبيعاتهم. وفيه تكتب الآن عهود أكابر الملوك، والمكاتبات إلى الطبقة العليا من الملوك، كأكابر القانات من ملوك الشرق.
المقدار الثاني: قطع البغدادي الناقص، وعرض درجه دون عرض البغدادي الكامل بأربعة أصابع مطبوقةً. وفيه يكتب للطبقة الثانية من الملوك، وربما كتب فيه للطبقة العليا لإعواز البغدادي الكامل.
المقدار الثالث: قطع الثلثين من الورق المصري، والمراد به ثلثا الطومار من كامل المنصوري، وعرض درجة ثلثا ذراع بذراع القماش المصري أيضاً. وفيه تكتب مناشير الأمراء المقدمين، وتقاليد النواب الكبار والوزراء وأكابر القضاة ومن في معناهم. ولم تجر العادة بكتابة مكاتبةٍ عن الأبواب السلطانية فيه.
المقدار الرابع: قطع النصف، والمراد به قطع النصف من الطومار المنصوري، وعرض درجه نصف ذراع بالذراع المذكور. وفيه تكتب مناشير الأمراء الطبلخاناه، ومراسيم الطبقة الثانية من النواب، والمكاتبات إلى الطبقة الثانية من الملوك.
المقدار الخامس: قطع الثلث. والمراد به ثلث القطع المنصوري، وعرض درجة ثلث ذراع بالذراع المذكور. وفيه تكتب مناشير أمراء العشرات، ومراسيم صغار النواب، والمكاتبات إلى الطبقة الرابعة من الملوك.
المقدار السادس: القطع المعروف بالمنصوري، وعرضه تقدير ربع ذراع بالذراع المذكور. وفيه تكتب مناشير المماليك السلطانية ومقدمي الحلقة، ومناشير عشرات التركمان، ببعض الممالك الشامية، وبعض التواقيع وما في معنى ذلك.
المقدار السابع: القطع الصغير، ويقال فيه قطع العادة، وعرض درجه تقدير سدس ذراع بالذراع المذكور. وفيه تكتب عامة المكاتبات لأهل المملكة وحكامها، وبعض التواقيع والمراسيم الصغار، والمكاتبات إلى حكام البلاد بالممالك، وما يجري هذا المجرى. وقد كان هذا القطع والذي قبله في أول الدولة التركية، طول كل وصل منه شبران وأربعة أصابع مطبوقةً فما حول ذلك.
المقدار الثامن: قطع الشامي الكامل، وعرض درجه عرض الطومار الشامي في طوله. وهو قليل الاستعمال بالديوان، إلا أنه ربما كتب فيه بعض المكاتبات، كما كتب فيه عن الأشرف شعبان بن حسين لوالدته حين سافرت إلى الحجاز الشريف.
المقدار التاسع: القطع الصغير، وهو في عرض ثلاثة أصابع مطبوقة من الورق المعروف بورق الطير، وهو صنف من الورق الشامي رقيقٌ للغاية، وفيه تكتب ملطفات الكتب وبطائق الحمام.
الجملة الثانية: مقادير الورق بدواوين الإنشاء بالممالك الشامية في مقادير الورق المستعملة بدواوين الإنشاء بالممالك الشامية دمشق وحلب وطرابلس وحماة وصفد والكرك في المكاتبات والولايات الصادرة عن النواب بالممالك:
وهي لا تخرج عن أربعة مقادير:
المقدار الأول: قطع الشامي الكامل:
وهو الذي يكون عرضه عرض الطومار الشامي الكامل في طوله على ما تقدم فيه. وفيه يكتب عن النواب لأعلى الطبقات من أرباب التواقيع والمراسيم ليس إلا.
المقدار الثاني: قطع نصف الحموي:
وعرض درجه عرض نصف الطومار الحموي، وطوله بطول الطومار، وفيه يكتب للطبقة الثانية من أرباب التواقيع والمراسيم الصادرة عن النواب.
المقدار الثالث: قطع العادة من الشامي:
وعرض درجه سدس ذراع بذراع القماش المصري في طول الطومار أو دونه. وفيه يكتب للطبقة الثالثة من أرباب التواقيع والمراسيم الصادرة عن النواب وعامة المكاتبات الصادرة عن النواب إلى السلطان فمن دونه من أهل المملكة وغيرهم، إلا أن نائب الشام ونائب الكرك قد جرت عادتهما بصدور المكاتبات عنهما في الورق الأحمر دون غيرهما من النواب.
المقدار الرابع قطع ورق الطير المقدم ذكره في آخر المقادير المستعملة بالأبواب السلطانية بالديار المصرية. وفيه تكتب الملطفات والبطائق على ما تقدم.
قلت: هذه مقادير قطع الورق بالديار المصرية والبلاد الشامية. أما غير مملكة الديار المصرية من الممالك، فالحال فيها يختلف في مقادير الورق المستعمل بدواوينها. فأما بلاد المشرق فعلى نحو المقادير المتقدمة. وأما بلاد المغرب والسودان وبلاد الفرنج، فعادة كتابتهم في طومارٍ واحد، يزيد طوله على عرضه قليلاً، ما بين صغير وكبير بحسب ما يقتضيه حال المكتوب.
مقادير قطع الورق بمكاتبات أعيان الدولة.
الجملة الثالثة في مقادير قطع الورق الذي تجري فيه مكاتبات أعيان الدولة من الأمراء والوزراء وغيرهم بالديار المصرية والبلاد الشامية:
وهو قطع العادة من البلدي بالديار المصرية، ومن الشامي بالبلاد الشامية.

.الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثالثة في بيان ما يناسب كل مقدار من مقادير قطع الورق المتقدمة الذكر من الأقلام ومقادير البياض الواقع في أعلى الدرج وحاشيته وبعد ما بين السطور في الكتابة:

وفيه ثلاثة أطراف:

.الطرف الأول فيما يناسب كل مقدار منها من قطع الورق من الأقلام:

قد ذكر المقر الشهابي بن فضل الله في كتابه التعريف في آخر القسم الثاني ما يناسب كل مقدار من مقادير الورق المستعملة بديوان الإنشاء بالديار المصرية من أقلام الخط المنسوب فقال: إن لقطع البغدادي قلم مختصر الطومار، ولقطع الثلثين قلم الثلث الثقيل، ولقطع النصف قلم الثلث الخفيف، ولقطع الثلث قلم التوقيعات، ولقطع العادة قلم الرقاع. ومن ذلك يعلم ما يناسب كل قطع من مقادير القطع المستعملة بدواوين الإنشاء بالممالك الشامية. فيناسب الشامي الكامل قلم التوقيعات، لأنه في مقدار قطع الثلث البلدي أو قريبٌ منه. ويناسب نصف الحموي والعادة من الشامي قلم الرقاع، لأنهما في معنى القطع المنصوري والعادة بالديار المصرية. أما قلم الجناح لكتابة بطائق الحمام به. وأما ما كان يكتب به الخلفاء أسماءهم في الزمن القديم وبه يكتب الملوك أسماءهم الآن، فقلم الطومار، وهو القلم الجليل الذي لا قلم فوقه. وقد تقدم الكلام على هذه الأقلام في بيان ما يحتاج إليه الكاتب في أواخر المقالة الأولى.

.الطرف الثاني في مقادير البياض الواقع في أول الدرج وحاشيته وبعد ما بين السطور في الكتابة:

أما مقدار البياض قبل البسملة، فيختلف في السلطانيات باختلاف قطع الورق، فكلما عظم قطع الورق، كان البياض فيه أكثر، فقطع البغدادي يترك فيه ستة أوصالٍ بياضاً، وتكتب البسملة في أول السابع، وقطع الثلثين يترك فيه خمسة أوصال، وقطع النصف يترك فيه أربعة أوصال، وقطع الثلث يترك فيه ثلاثة أوصال، وقطع المنصوري والعادة تارةً يترك فيه ثلاثة أوصال، وتارةً يترك فيه وصلان، بحسب ما يقتضيه الحال. وقطع الشامي الكامل في معنى قطع الثلث، وقطع نصف الحموي والعادة من الشامي في معنى القطع المنصوري والعادة في البلدي. وربما اجتهد الكاتب في زيادة بعض الأوصال ونقصانها بحسب ما تقتضيه الحال. وفي المكاتبات الصادرة عن سائر أرباب الدولة مصراً وشاماً يترك في جميعها قبل البسملة وصلٌ واحدٌ فقط. وفي كتابه الأدنى إلى الأعلى يترك بعض وصل.
وأما حاشية الكتاب، فبحسب اجتهاد الكاتب فيه في السعة والضيق. وقد رأيت بعض الكتاب المعتبرين يقدر حاشية الكتاب بالربع من عرض الدرج، وهو اعتبارٌ حسنٌ لا يكاد يخرج عن القانون.
وأما بعد ما بين السطور، فيختلف باختلاف حال المكتوب واختلاف قطع الورق، ففي السلطانيات كلها على اختلاف قطع الورق فيها تكتب البسملة في أول الفصل بعد ما يترك من أوصال البياض في أعلى الدرج بحسب ما تقتضيه الحال، ثم يكتب تحت البسملة سطرٌ ملاصقٌ لها بحسب ما يقتضيه وضع القلم المكتوب به في القرب والبعد، بحسب الدقة والغلظ، ثم يكتب السطر الثاني في آخر الوصل الذي كتبت البسملة في أوله، بحيث يبقى من الوصل ثلاثة أصابع مطبوقةً أو نحوها في القطع الكبير، وقدر إصبعين في القطع الصغير، وما بينهما بحسبه.
وقد قدر صاحب مواد البيان البياض الباقي بين السطور الأول والثاني أيضاً. وهذا إنما يقارب في القطع الكبير. وقد ذكر ابن شيث في معالم الكتابة وكان في آخر الدولة الأيوبية فيما أظن أن مقدار ما بين كل سطرين يكون ثلاثة أصابع أو أربعة أصابع. والذي جرت به عادة الكتاب في زماننا أنه يكون في قطع العادة والمنصوري في كل وصل من أوصال الزمان ثلاثة أسطر، وفيما عداه سطران. وربما وقع التفاوت في القطع الصغير بحسب الحال حتى يكون في التواقيع التي على ظهور القصص ونحوها بين كل سطرين بعد بيت العلامة قدر إصبعين، وربما تواصلت الأسطر كما في الملطفات ونحوها.
أما ما يكتب عن النواب من الولايات والمكاتبات من سائر أعيان الدولة، فدون السلطانيات في مقدار خلو موضع العلامة، وهو ما بين قدر خمس أصابع مطبوقةً ونحوها، وقدر بعد السطور فيما بعد بيت العلامة من قدر إصبعين إلى ما دونهما.